لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
باب بدء الوحي من صحيح البخاري
53642 مشاهدة
نبذة عن الإمام البخاري وكتابه الصحيح

...............................................................................


فكان من أولئك المؤلفين البخاري رحمه الله اسمه محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه البخاري الجعفي جده الأقصى اسمه بردزبه فارسي أسلم على يد رجل من بني جعف، فصار يسمى الجعفي لكونه اهتدى على يديه. أما البخاري فإنه من حفظة الحديث ومن أئمته، ولد سنة مائة وأربع وتسعين، ومات سنة ست وخمسين ومائتين، انتقى هذه الأحاديث بأسانيده، واختار الرجال الذين يثق بهم، واختار مشاهير المحدثين وصار صحيحه أقوى الكتب وأفضلها وأصحها حتى قال فيه بعضهم:
صحيـح البخـاري لـو أنصفـوا
لمـا خـط إلا بـمـاء الـذهـب
يعني من قوة أسانيده وانتقائه للأحاديث.
وذكروا أنه يحفظ مائة ألف حديث صحيح، ومائتي ألف حديث غير صحيح، ولكنه يعد الحديث الواحد عشرة أحاديث أو عشرين بحسب طرق الحديث ورواياته، وكذلك أيضًا يعد الآثار التي عن الصحابة وعن التابعين فيحسبها أحاديث؛ لذلك وصل العدد الذي هو صحيح إلى مائة ألف.
أما كتابه هذا فحسب الإحصاء مع تكرار ما فيه بلغ سبعة آلاف وزيادة، ومع عدم التكرار ذكروا أنه نحو ألفين وسبعمائة وزيادة، بدون تكرار وبدون ذكر الآثار، الآثار التي فيه عن الصحابة رضي الله عنهم أو عن التابعين.